الخميس، 12 يناير 2017

"وفاة شخص واحد مأساة، لكن وفاة مليون شخص مجرد إحصائية" — جوزيف ستالن





قصه ديكتاتور كامبوديا "سالوث سار" أو كما يعرف بالأسم الأشهر له "Pol Pot أباد 3 مليون من شعبه (ثلث الشعب كله) في 3 سنوات فقط بدون إبداء ذرة ندم أو مسؤولية عن أفعاله بحجة أنه المخلص المنتظر الذي سيحقق وعد الجنة على الأرض ويطهر الناس من دنس الإمبريالية والطبقية، إلخ، وكان في الحقيقة ذروة العبثية والعدمية والسفالة والشر المطلق. 
.
• أتولد عام 1925 في ريف كمبوديا وفي طفولته وشبابه أرسلوه للعاصمة للتعليم ولكن رهبته وعدم قدرته كطفل ريفي على الإنخراط مع حياة المدينة وإحساسه أنه كائن فضائي وسط سكان المدينة وتعدديتها الثقافية وتقدمها ووجود التأثير الأوروبي فيها ولد عنده شعور بالكراهية تجاه أهل المدينة أستمر معه طوال حياته. 
.
• بعدها أتأهل لمنحة دراسية في باريس، وطبعًا فرنسا من المعروف أنها الدولة الأوروبية ذات نصيب الأسد من الفكر اليساري والماركسي وفيها أنشط المفكرين في هذا الإتجاه وهناك كالمتوقع "بول بوت" تشرب الفكر الماركسي وبدأ ينضم إلى حلقات شيوعية ويسارية ونضالية، إلخ.
.
• بعد إستيلاؤه على الحكم قام بواحدة من أكثر الأشياء الجنونية في التاريخ، أخلى جميع سكان المدن المكتظة وهجرهم إلى الريف في ظرف 72 ساعة (أكثر من 2.5 مليون شخص) لغرض أغرب من عملية التهجير نفسها وهو أنه كان مؤمن بنسخة من الشيوعية أسمها "الشيوعية الزراعية" agrarian communism ومفاد أو ملخص الشيوعية الزراعية هي أن كل الصناعة والتكنولوجيا شر بالغ وكذلك العلم الحديث وكذلك الفن بجميع أشكاله وأنواعه وكذلك الفكر. فمالجتمع المثالي هو المجتمع اللي جميع أفراده مزاراعين حياتهم كلها عبارة عن أنهم يزرعوا ويحصدوا 24 ساعة تقريبًا بلا أي نشاط آخر. 
.
• بعد التمكين وجمع الشعب كله في المناطق الزراعية كبهائم في حظيرة، بدأ يطبق أوهامه وترهاته معتقدًا أنه يحقق الجنة على الأرض عن طريق أنه جرد جميع الشعب تقريبًا الوجه والأسم والهوية وتحولوا لمجرد أرقام أو عبيد تكدح بشكل متواصل بلا أي راحة حتى تنكسر ظهورهم وتنسحق عظامهم ومن يمرض أو يرهق من العمل يُقتل فوريًا من كتائب الإعدام والإبادة الفورية التي نصبها على رؤوس الناس كملاك الموت تراقبهم بشكل مستمر. وطبعًا بسبب أن سكان المدينة لا يعرفوا أي شيء عن العمل الزراعي وبسبب عدم وجود أصلًا مزارع ولا أكل كافي لتغطية كل هذا العدد من الناس وبسبب الحصة الجنونية المطلوبة من الأرز من المزارعين، هلك الملايين من الناس على مدار فترة حكمه (3 سنوات و8 أشهر) أغلبهم مات جوعًا وإما ضربًا بأدوات بليدة (غير حادة) حتى الموت (يعني موت بتعذيب) وحول كمبوديا إلى ما يسمى حقول الموت أو القتل killing fields ومن فرط جنون عظمته وأوهامه سمى بداية حكمه "العام صفر" بمعنى أنها البداية الجديدة التي سيطهر فيها المجتمع ويعيد لكمبوديا أمجادها البائدة. 
.
• الإضطهاد طال جميع الناس بجميع فئاتهم العمرية وأجناسهم، وبالأخص سكان المدينة لأنه كان عنده كراهية بالغة لهم (أي شخص جلده لونه فاتح كان مضطهد لأن الجلد الفاتح مؤشر على أنه من المدينة لأنه لا يعمل في الشمس) وضد جميع الأقليات بما فيها الصينيين والمسلمين وجميع الأقليات ولكن كراهيته وضغينته السامة نصيب الأسد منها كان محفوظـًا لخصوم كمبوديا التقليديين، الفييتناميين، أباد جميع الفييتناميين الموجودين في بلده وكان يطلب من أي كمبودي متزوج من فييتنامية أن يقتل زوجته بيديه يا إما تقتل الحكومة كليهما وكل الأسرة والعائلة، وأي شخص تزوج من فييتنامية أو كان يعرف اللغة الفييتنامية أو له أي صلة بثقافة فييتام من قريب أو من بعيد كان يقتل بلا أي مبررات أو دواعي وأنشأ بعض أفظع منشآت التعذيب. حياة الإنسان عنده لم تكن حتى تساوي صفر، فهي لما تساوي أي شيء على الإطلاق. وقتل 18 من ال22 عضو في الحزب الشيوعي القائد (رفاقه.) 
.
• بعدها بدأ يشحن عقلية الكمبوديين بأنهم إذا أحبوا أن تستمر كمبوديا في البقاء عليهم من إبادة دولة فييتنام بأسرها، وبدأ بالفعل في الإغارة على الفييتناميين في دولة فييتنام نفسها عند حدود كمبوديا معاه وأقام لهم مذابح بالآلاف (أكبرها تسمى مذبحة Ba Chuc) وبعد فشل الحكومة الفييتنامية في التفاوض معه، عملوا غزو لدولة كمبوديا هزموا فيه الخمير الحمر بسرعة وسهولة ولكن بول بوت ظل هاربًا ومطاردًا لمدة حوالي 20 سنة يشن حروب عصابات على الحكومة الفييتنامية الجديدة من أدغال تايلاندا وبعدها أعتقله رفاقه وحاكموه وأتسجن في منزله وفي النهاية مات موتة طبيعية بدون أدنى عقوبة على أي من جرائمه (رفاقه أعتقلوه أو سجنوه لأسباب سياسية وليس لأي من جرائمه الإنسانية) وحتى أخر لحظة في حياته ينكر أنه أرتكب أدنى جريمة وأن ما قام به كان خدمة جليلة لوطنه وشعبه! الفجوة والأخدود بين إبتسامته في أول صورة ونتائج أفعاله وأفكاره في الأخيرة تذكرنا ألا ننخدع بالبسمة والمظاهر، فأغلب من أرتكبوا أفظع الجرائم كانوا ذوي إبتسامة جذابة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق